صفحة بالعربية

شذرات من مأساة التدريس في المجموعات المدرسية النائية والصعبة

متاهات قاسية... !؟

 ... وفي النهاية كان التعليم، والعمل الشاق في المجموعات المدرسية النائية . تلك التي لك أن تسميها: مدارس القمم الثلجية والشعاب الوعرة، أثناء البحث عن السفوح الأولى.. أو مدارس التيه الأزلي والضرب في أعماق الصحاري، حتى العثور على السراب العائم .. سميها مدارس العزلة القاتلة ، والإقصاء المميت، أو سميها ما شئت.. فتلك بداية لقصة أخرى عميقة، ليس لها ما تخشاه من عدو، سوى التبسيط المتهافت ، ومجانية الإنخراط في التعليق .

 قصة طال همها حتى أطفال العزوف، هنا في أعالي الجبال ، و هناك على نتوءات الرمل، بدليل نقشته في ذاكرتهم الجماعية، طقوس الذهاب واإلياب بين طبخة حرف، أتبث التاريخ انفالت حتى دورانه ألخبزي ... 

ونداء الرعي الأصيل..

 أواهǃ ،كيف يتلكأ هدا الطفل ،مراوغا، مند صغر سنه، ونعومة أظافره، على الإقبال على هدية حرف شائك، بعد الدخول الأول..؟ لتبقى الكلمات المنمنمة.. واألألوان العابرة.. عتبة عارية لسفر الخروج، داك الذي اظهر للجميع بما لايدع مجالا للشك، وعلى مرالسنين، أنه ما في الجعبة إلا الفراغ .. . أنذاك وأنداك فقط ، يأبى الشرخ المدمي إلا أن يحدث . فيسيل الحبر مرة أخرى على الورق، وينهار البناء، لتتداعى مدارس العائق، الواحدة تلو األخرى، وليطفح الدليل المحلي من جديد، و تتأصل ثقافة اآلأم، والرعي الهادئ، لضمان القوت السرمدي المبكر.. الضارب في أعماق التاريخ، هروبا ربما، من قمار الزمن العسير.. ولعبة الحظ. لتبقى المدارس تتآكل خلف الحقول، ولتنعي السبورة ديمومة زمانها األأسود. متأسفة لنا وللبراعم، حيث االإستعداد للعودة الكبرى، رأسا إلى جنان الذات الرحبة ، وثقافتها الملفوفة في ثنايا لغة، لم يستطع النسيان طيها، ولا الجحود واألأدلجة كسرها. لربما هي كذلك، لانها مرآة صافية، وقناة أصيلة، صرف األأطفال والشيوخ أفعالهم فيها، فضمت سر أحوالهم ، وتاريخ الأجداد . حتى هممت رياح القراءة الأخرى بالنزوح، فوقع الإحراج وظهر النتوء ... 

كل ذلك يتم أمام أنظار حارس القراءة.. قاطن الكوخ، والقائم بشؤون الحرف، في شخص معلم الخط...الذي يسعى دوما إلى ترقيع ما يمكن ترقيعه، وفقا لما تنص عليه الخطط، و شبكاتها العنكبوتية، صراحة أو ضمنيا، واستجابة لإملاء السنة الدرامية، كوحدة زمنية لقياس أبعاد القهر التربوي... وتصريف العنف الرمزي مدرسيا، بشكل بيداغوجي ممنهج، ملازم لنمطية من الحياة، كلها على مستوى المسلكيات ، ازدراء واحتقار وتشويه ، لمسيرة نمو ثقافي، و لمسار تاريخي وحضاري، كان من الممكن أن يكون سليما وطبيعيا في صيرورته، نافعا للجميع، وغير مضر بأحد تاريخا وجغرافية... لكن، وبما أنه ،حسب هيرقليطس «لا يمكن للناس أن يستحموا في النهر مرتين، لأن المياه تجري من حولهم أبدا ».وبما أنه لا يمكن إرجاع عجلة الزمن إلى الوراء، فقد وقع ما وقع، وأدى الثمن غاليا، براعم الأمس ممن ثم إقصاؤهم، وقد صاروا شبابا .أما الدين أسعفتهم الظروف في استكمال المسيرة، فمنهم من وصل منهكا، ومنهم من امتلأت به المدائن والدنيا ضجيجا هنا، واحتجاجا هناك... لنيل شغل، أوكسرة خبز..عفا عنها الزمان صوب الغروب، وفي بلاد العجم... 

أنه لضرب من الكسوف والخسوف، لكن الأنوار عائدة لا محالة، لفصل المقال فيما بين المدينة والقرية من الإتصال، والمحيط والمركز من التبعية والإهمال.

لن تكفيك الساعات الطوال، والأيام المتوالية لإحصاء العاهات، وأفظعها نكران العاهة والتبجح الساذج. .. 

كانت طقوس الرحلة تبدأ دائما لحظة التعيين، بامتطاء المقلع، أو منجنيق الأجداد، ثم الإرتهان بعد دلك متوجسا إلى صدفة النزول، ليحط رحالك، على شكل هبوط اضطراري ، فوق رأس جبل، أو وسط قعر" كدية "، وأنت على متن رباعية الخطر، حمراء الوجه، عارية السطح، تتسلق بك بعناد نادر، قمم جبال الأطلس. أو تنساب بك كالثعبان في رمال الصحاري، فتسلم روحك، مرغما في بعض الأحيان، إلى رحمة سائق مشبوه، ونزواته التدريبية ، هناك.. بعيدا عن المراقبة.. وعلى أوضاع هندسة طرقية شائكة، حيث لاتنفك الشاحنة مرارا، تعود بك مرهقة، إلى السفح اضطرارا، كلما أثقل كاهلها المنهك، بأجسام كائنات مختلفة ، خضعت كلها ، تحت إكراهات الندرة وضيق الحال، للعجن والتبضيع، بشرها وحيوانها ...

 يا للرعب! أية سمسرة علنية هده؟ وأي قمار هدا الركوب؟ الذي يبدأ من طلوع الشمس إلى غروبها. وا لذي أسفر غير ما مرة، طوال مئة كيلومتر أوأكتر من الطرق غير المعبدة، ملؤها الحجارة والغبارفي قندهار.. عن موت بضائع.. وجرح أخرى، حيث غالبا ما يلجأ الراكبون أن هم فعلا ركبوا، إلى تدبر حال أمرهم في الربع الخالي، بتضميد جراح بعضهم البعض كضحايا، ولو ببعض القطع من قماش أصحاب العمائم، وانتظار معرفة، من سيسعفه الحظ من جديد، في العودة إلى مأساة ذلك الزمن البئيس، اذا هو التعيس نجا من الموت، ولم يقض أوينفق.. كما حدت ويحدت، وبحثا كالعادة ، عن ضوء هارب.. بين السماء والأرض.

 


التلاناء 13 أكتوبر 2015

 نازحون على مضض...


مكره اخاك لا بطل... 
هكذا تكلم أحمد، كعادته ، وعلى غير عجل.   
متأملا طبيعة البشر، ما تبت منها، وما بطل.
وسط قوم دأبهم دائما رحل...
لكنه ما ودع ولا غفل.
لما رأى شرقا مصدر الاحلام والنحل...
تهتز أركانه وتسقط دروعه في الوحل.
سخر مجدا، سخرية سقراط ، وكله أمل. 
ممن نسبوا تمزق الشرق، أحاديا، الى حلاق غرب الدجل...
في غير انتباه أصلا، لتاريخ أمراض الأنا، ما سفك بها الفصام، وما قتل
 
أملا، أن تز هر حضارة الآرض، في دورة أخرى، ودون كلل.

 نبات العلم والآخلاق درء لكل خلل.  
اليوم أراه يردد غيراسف ،هيا نلعب، شعارا للعمل...
عله يسهم في اصلاح تجاعيد وجه زمن، عبوس مقفل.
 تصحرت روحه، وتجهل فكره، مكرسا دورانه الفارغ حد الملل.
 حتى انتفت في أجوائه نواة كل خير، أو دهن ها قد عقل.
 لعله ينسي نفسه عمرا شقيا، استهلك في الكد والجد، وقهر الكسل.
من قال ان اللهو والضحك غير مجد، الا دا عقد وخلل.
ألم يصح الزعيم، ذات يوم، مخاطبا قومه من أعلى الجبل: 
هيا امرحوا،هيا افرحوا وأرقصوا، لكن، بعد أن فات الاوان... والزمان اضمحل...     !

محمد اسلك
Mohamed.Slak

التلاناء 13 أكتوبر 2015






 ...حديت عن الاستاذ المرشد

أنقر على الرابط قي ألاسفل-

https://drive.google.com/file/d/0B3wn9Mmh5nLTX1VycnF6S2Fhc1E/view?usp=sharing





الإرشاد والتوجيه التربوي
 -  مفهومه، مبادئه، وأسسه -      
ذ. محمد اسلك

تمهيد 
                                                          
     أصدرت وزارة التربية الوطنية مؤخرا، مذكرة وزارية تحت رقم: 155 بتاريخ 10 نونبر 2009 . يتعلق موضوعها بما أسمته : الأستاذ المرشد . ففي أي إطار يندرج هذا المشروع ؟ ما الغاية منه ؟ وما هي دلالاته وعلاقته بمفاهيم أخرى من قبيل : الارشاد و التوجيه التربوي؟ 
     إن المتتبع للشأن التعليمي ببلادنا،لا يسعه إلا أن يلاحظ مدى ازدياد الاهتمام الغير المسبوق بقضايا التعليم في العشرية الأخيرة، سواء فيما يتعلق بصياغة الميثاق الوطني للتربية والتكوين، أوفي وضع خطط ومشاريع البرنامج ألاستعجالي، الذي يهدف الى أجرأة مجموعة من المبادئ والدعامات التي وضعها وأسسها هذا الميثاق نفسه. حتى أضحى التعليم بهواجسه وأزماته، القضية الثانية بعد القضية الوطنية. فهل هذه صحوة ضمير لا رجعة فيها، من اجل النهوض بأعباء هذا القطاع الحيوي والمصيري، أم هي استجابة للوعي الحاصل، بمدى أهمية وخطورة قضايا التربية والتكوين، في ترقية الشعوب والمجتمعات. كما في النزول بها إلى الحضيض وأسفل المراتب، في سلم الحضارة والتمدن ؟    
قبل الدخول في تحليل ومناقشة مفهوم الأستاذ المرشد، و بعض المفاهيم التربوية الأخرى المرتبطة به في حقل التربية والتعليم، كالاستشارة والإرشاد والتوجيه، يجدر بنا أن نتساءل أولا عن الخلفيات والمبررات، ما ظهر منها وما خفي، التي دفعت هذه المذكرة المنظمة لهذه العملية الى تبني هذا المفهوم.
 أعلنت هذه المذكرة / الإطار، التي استوحت مضامينها من المشروع E1P12 للبرنامج ألاستعجالي، والذي يدعو إلى تحسين جودة الحياة المدرسية، أن الضعف العددي الحاصل والملحوظ في اطر المراقبة والتا طير التربوي، يجعل من المستحيل التغطية والاستجابة الكافية لكل المتطلبات الخاصة بالعدد الكبير من المدرسين،  إشرافا ومراقبة وتأطيرا. لهذا فتحت الباب أمام ألأساتذة الراغبين في القيام بهذه المهمة. وذلك بعد تقديمهم لطلب في الموضوع لانتقاء بعضهم على أساس أن تجرى معهم مقابلة. قبل قبولهم للقيام بهذه المهمة الجديدة.
     وكما لا يخفى عليكم، فان من بين الأسباب التي أدت إلى حدوث هذه الظاهرة، التي تكاد تشبه إلى حد ما، ظاهرة ثقب الأزون في فضاء مهنة التعليم، ما يلي :
أولا: إغلاق المركز الوطني لتكوين المفتشين بالرباط لعدة سنوات.
ثانيا: النتائج السلبية لعملية المغادرة الطوعية، التي أحدثت نزيفا للكفاءات والخبرات المهنية في كل القطاعات، استجابة للسياسة المالية الداعية الى تقليص كثلة الأجور. 
إذا كانت هذه هي بعض الأسباب والحيثيات المؤطرة للمذكرة 155، فما المقصود إذن بالإرشاد و التوجيه التربوي؟ وكيف عرفته و تعاملت معه مجموعة من الأدبيات التربوية،عربيا  ودوليا، سواء من حيث مبادئه القانونية والأخلاقية، أو من حيث بعض  المسلمات التي يتأسس عليها؟  

1-   مفهوم التوجيه : 
1-1- تعريف أحمد لطفي بركات:

هو مجموعة الخدمات التي تهدف إلى مساعدة الفرد على أن يفهم نفسه، ويفهم مشاكله وأن يستغل إمكانياته الذاتية، من قدرات ومهارات واستعدادات وميول. وأن يستغل إمكانيات بيئته فيحدد أهدافا تتفق وإمكانياته من ناحية، وإمكانيات هذه البيئة من ناحية أخرى، نتيجة لفهم نفسه وبيئته ويختار الطرق المحققة لها بحكمة وتعقل، فيتمكن بذلك من حل مشاكله حلولا عملية تؤدي إلى التكيف مع نفسه ومجتمعه فيبلغ أقصى ما يمكن بلوغه من النمو والتكامل في شخصيته.
1 -2 - تعريف ميلر - Muller:

     انه عملية تقديم المساعدة للأفراد لكي يصلوا إلى فهم أنفسهم، واختيار الطريق الصحيح والضروري للحياة وتعديل السلوك لغرض الوصول إلى الأهداف الناضجة والذكية، والتي تصحح مجرى الحياة.العملية التي تهتم بالتوفيق بين الفرد بما له من خصائص مميزة من ناحية، والفرص الدراسية المختلفة، والمطالب المتباينة من ناحية أخرى، والتي تهتم أيضا بتوفير المجال الذي يؤدي إلى نمو الفرد وتربيته.
1- 3- تعريف مايرز - Myers:       
   العملية التي تهتم بالتوفيق بين الفرد بما له من خصائص مميزة من ناحية، والفرص الدراسية المختلفة والمطالب المتباينة من ناحية أخرى، والتي تهتم أيضا بتوفير المجال الذي يؤدي إلى نمو الفرد وتربيته.
يفهم من منطوق هذه التعاريف الثلاثة أن للتوجيه عدة مدلولات:
-  أولا: مساعدة الأفراد على فهم أنفسهم، وبلوغ نموهم وكمال شخصياتهم، انطلاقا من الخدمات المقدمة
 إليهم، وذلك حتى يتسنى لهم، حل مشاكلهم في بيئتهم بحكمة وتعقل.
 ثانيا: التوجيه عملية مساعدة للأفراد، لكي يتمكنوا من اختيار الطريق الصحيح، وبلوغ الأهداف في الحياة.
- ثالثا: للتوجيه، بالإضافة إلى وظيفته النفسية والتربوية، وظيفة تعليمية تتجلى في الاختيار بين الفرص الدراسية المختلفة، وذلك بالتوفيق بينها وبين الخصائص المميزة للفرد. وحسب هذا المعنى الأخير عند مايرز، يمكن أن نذكر بمهام الموجهين للتلاميذ في اختيار الشعب الدراسية الملائمة لميولاتهم ومؤهلاتهم... خلال، أو عند بداية سلك دراسي جديد.
2- مفهوم الإرشاد:

يرى عدنان أحمد الفسفوس, أن مراحل النمو العمرية والتغيرات الانتقالية و الأسرية. وتعدد مصادر المعرفة والتخصصات العلمية ،وتطور مفهوم التعليم ومناهجه،وتزايد أعداد الطلاب (...) ومشكلات التقدم الاقتصادي وما صاحب ذلك من قلق وتوتر، كل ذلك أدى إلى بروز الحاجة إلى التوجيه والإرشاد ،كما إن هذا التغير في بعض الأفكار والاتجاهات أظهر أهمية التوجيه والإرشاد في المدرسة على وجه الخصوص ،حيث لم يعد المدرس قادرا على مواجهة هذا الكم من الأعباء والتغيرات كما أن تغير الأدوار والمكانات وما ينتج عن ذلك من صراعات وتوتر يؤكد مدى الحاجة إلى برامج التوجيه والإرشاد.
فكيف عرف المختصون بعلوم التربية مفهوم الإرشاد؟
- تعريف  كود - Good:     
يقصد بالإرشاد ذلك التعاون والمساعدة القائمة على أساس فردي وشخصي فيما يتعلق بالمشكلات الشخصية، والتعليمية، والمهنية. والتي تدرس فيها جميع الحقائق المتعلقة بهذه المشكلات، ويبحث عن حلول لها، وذلك بمساعدة المتخصصين وبالاستفادة من إمكانيات المدرسة والمجتمع، ومن خلال المقابلات الإرشادية التي  يتعلم المسترشد فيها أن يتخذ قراراته الشخصية.(4)
- تعريف آدمز - Adams: 
انه علاقة تفاعلية بين فردين، حيث يحاول أحدهما وهو المرشد مساعدة الأخر الذي هو المسترشد كي يفهم نفسه فهما أفضل بالنسبة لمشكلاته في الحاضر والمستقبل.(5)
 - تعريف حامد زهران: 
عملية مساعدة الفرد في رسم الخطط التربوية التي تتلاءم مع قدراته وميوله وأهدافه وأن يختار نوع الدراسة والمناهج المناسبة والمواد الدراسية التي تساعده في اكتشاف الإمكانيات التربوية وتساعده في النجاح وتشخيص المشكلات التربوية وعلاجها بما يحقق توافقه التربوي بصفة عامة. (6) 
- تعريف الجمعية الأمريكية لعلم النفس: 
انه الخدمات التي يقدمها اختصاصيون في علم النفس الإرشادي وفق مبادئ وأساليب دراسة السلوك الإنساني خلال مراحل نموه المختلفة ويقدمون خدمات لهم لتأكيد الجانب الايجابي بشخصية المسترشد واستغلاله لتحقيق التوافق لدى المسترشد، وبهدف اكتساب مهارات جيدة تساعد على تحقيق مطالب النمو والتوافق مع الحياة، واكتساب قدرة اتخاذ القرار، ويقدم الإرشاد لجميع الأفراد في المراحل العمرية المختلفة وفي المجالات المختلفة :كالأسرة والمدرسة والعمل. (7) 
يتضح من كل هذه التعاريف السابقة،أن الإرشاد التربوي:عملية منظمة ومخططة تهدف إلى مساعدة المسترشد سواء كان طالبا، أو مدرسا، لكي يفهم ذاته ويعرف قدراته ويطور مهاراته، ويحل مشكلاته ويحقق أهدافه في إطار القيم المجتمعية، وإجمالا: تحقيق التوافق النفسي والتربوي والمهني والاجتماعي. 
كما نؤكد كذلك على أن التوجيه والإرشاد عمليتان متلازمتان لمهمة تربوية وتعليمية واحدة، لا يمكن الفصل بينهما إلا لأغراض منهجية بحثه.حيث يفسح الإرشاد المستمر الباب للتوجيه كلما دعت الظروف لذلك، في إطار عملية تفاعل وتكامل.
3- بعض الأسس والمسلمات الخاصة بالإرشاد والتوجيه:

      إن مجال هذه المبادئ والمسلمات غزير وشاسع جدا، لدى يمكن الاكتفاء بحصره في النقط الآتية: 
-1-3- أسس الإرشاد و التوجيه التربوي:  
-1-1-3- الأسس الفلسفية:
    وهي أسس تتسم بالعمق، وبالشمولية وبعد النظر، في تأطير وتوجيه السلوك البشري بصفة عامة، والممارسة الميدانية للمرشد التربوي بصفة خاصة. نظرا لوضعها لكل الممارسات، والتربوية منها على الخصوص، في صلب الوجود الإنساني. وما يرتبط  به من إشكالات الكينونة والصيرورة، وأحوال المجتمع، من تغير وثبات للظروف والشروط. التي يصنعها الكائن البشري ويتفاعل معها، من أجل تحسين وتجويد قيمة الحياة.الشيء الذي لا يمكن أن يتم ويكتمل، في غياب مبحثين آخرين من مباحث الفلسفة ألا وهما: مبحث القيم بما فيه علم الجمال، من حيث نظرته للحياة، وما يمكن أن يقدمه للتربية وعلومها، وللمرشدين التربويين، من تصورات فنية وجمالية، ومواقف مرتبطة بالذوق السليم اتجاه القيم الجمالية. وعلم الأخلاق ودوره في تهذيب النفس البشرية، والتربية على مكارم الأخلاق... 
     هذا بالإضافة إلى مبحث المعرفة. ومنه علم المنطق، الذي يساهم بدوره في فهم وبناء ألأسس المعرفية للعلوم، وذلك لتمكين المختصين والمرشدين، من القدرة على تبين الصحة من الخطأ، نتيجة الاعتماد على تقنيات الحجاج والبرهان، أثناء فترات الارشاد والتواصل. علما بأن التفكير المنطقي، هو الذي يمكن الناس من الإقناع والاقتناع، ويعمل على تجنب الكثيرمن الافكار المغلوطة والمواقف غير العقلانية.

-3-1-2- الأسس النفسية والتربوية:
     يعتمد الإرشاد التربوي كذلك، على مجموعة من الأسس النفسية والتربوية يمكن تلخيصها في ما يلي :
 -1-2-1-3 - الفروق الفردية :
     وهي كثيرة بين الأفراد، سواء على المستوى الانفعالي والجسماني، أو الاجتماعي والثقافي، بحيث لا وجود لشخصين في نسخة واحدة، رغم المجالات الكثيرة  للتشابه.
-2-2-1-3 - الفروق بين الجنسين : 
     هناك كذلك فروق بين الجنسين، سواء من الناحية البيولوجية والفسيولوجية،أو من ناحية التنشئة الاجتماعية. لذا يجب أخدها بعين الاعتبار، في جميع أنواع الإرشاد: (الاسري،الاجتماعي،المهني،التربوي).   
-3-2-1-3 - مطالب النمو : 
     وتختلف باختلاف مراحل العمر، من الطفولة إلى الرشد، مرورا بفترة المراهقة .اذ لكل مرحلة خصوصيات نموها جسمانيا وعقليا. وهو ما يميز الشخصيات المرحلية، لكل فرد،اجتماعيا ونفسيا وتكوينيا. 
-4-2-1-3 - الفروق في الفرد الواحد : 
     وهي الفروق التي تظهر بعض الاختلال والاختلافات، في ما يتعلق بمدى تكامل وتجاوب عدة مقومات، وجوانب من شخصية الفرد . حيث يمكن مثلا، أن يسبق ذكاء المرء سنه وعمره، أو العكس. وعلى العموم ،فهذه التفاوتات حتى على المستوى الانفعالي وردود الأفعال، يفسرها عدم نمو جوانب الشخصيه بنفس الوثيرة والايقاع.  

3-1-3-الأسس الاجتماعية والثقافية :
            بما أن الإنسان اجتماعي بطبعه، فلا يمكن قيام أو تصور أي علاقة بين المرشدين والمسترشدين، إلا في إطار مجتمع. له من البنيات الثقافية: التي تشكلها العادات والتقاليد والدين وأنتاجات الفكر والوعي، وله من الخصوصيات الاجتماعية: كالانتماء الأسري والعرقي، والتراتبيات الاجتماعية، ما يجعل مهمة المرشد، مهمة العارف بالخصائص الاجتماعية والثقافية، والنفسية لمجتمعه. هذه الخصائص التي ينبغي الوعي بها، و مواكبة التحولات والتغيرات التي تطرأ عليها، مع أخدها بعين الاعتبار في كل تواصل أو دورة إشرافية وإرشادية. نظرا لما تمثله من آثار وتخلفه من بصمات، في تشكيل الوعي وأنماط السلوك الفردي والجماعي. ناهيك عن بعض الأنواع من المواقف الاجتماعية، و الممارسات الثقافية والسلوكات الفردية، بل وحتى الجماعية، التي تكاد تكون عبارة عن  ردود أفعال مبرمجة سلفا، من الناحية العصبية والفسيولوجية... تعرف مؤدياتها، وتتوقع أشكالها، التي يمكن استباقها والتنبؤ بها منذ اللحظات الأولى...
      
4- بعض المبادئ الأخلاقية للإرشاد والتوجيه:

       يمكن إجمال هذه المبادئ العملية والأخلاقية في النقط الآتية: 
1- أن يتحلى المرشد التربوي بالأخلاق الحميدة والفاضلة قولاً وعملاً، وأن يكون قدوة حسنة، في الصبر والأمانة وتحمل المسؤولية دون ملل أو كلل أو يأس.
2- أن يتحلى المرشد بالمرونة في التعامل مع حالات المسترشدين، وعدم التقييد بأساليب محددة في فهم مطالبهم وحاجاتهم الإرشادية.
3- أن يبتعد المرشد عن التعصب كليا، والالتزام بأخلاقيات العمل المهني، فالمرشد يواجه مجموعة من المسترشدين، هم خليط متنوع من أفراد المجتمع. 
4- عدم تكليف أحد من الزملاء غير المرشدين، في المدرسة، بالقيام بمسؤولياته الإرشادية نيابة عنه.
5- السرية: وتقتضي منه الحفاظ على أسرار من هم على صلة تعاقد إرشادي وتربوي معه، على غرار المواثيق والقوانين، التي تنص وتدعو إلى الحفاظ على الأسرار المهنية. وما يترتب على الإخلال بذلك، من إضرار بمصالح الغير ومن عقوبات. حيث لا يمكن رفع السرية عن مسألة أو قضية معينة، إلا بناء على قرارات إدارية للجهة المختصة، تبررها وتعللها المساطر والقوانين المعمول بها في كل بلد .

 5- مهام ووظائف الأستاذ المرشد:

    يتضح من كل ما سبق، أن الإرشاد والتوجيه بصفة عامة، هو مجموعة من الخدمات والإرشادات، التي يمكن أن يقدمها المرشد والموجه إلى المسترشد، قصد مساعدته على استكمال تكوينه، ومعرفة كيفيه حل مشاكله واتخاذ القرارات الصائبة. سواء في الأسرة والعمل أو في المدرسة.
     إذا كان الأمر كذلك، وعلى ذكر المدرسة، فما هو الملمح : Le profile بلغة بيداغوجيا الكفايات، الذي يجب أن يتوفر في الأستاذ المرشد، لكي يقوم بعمله على أحسن وجه؟ ما هي وظائفه ومهامه، وما هي حدودها؟ ثم ما هي الآفاق المهنية لمهمة الإرشاد التربوي في المؤسسة التعليمية أيا كان سلكها، سواء من حيث الحقوق أو الواجبات ؟ هل هي مهمة اختيارية تطوعية ومؤقتة لمن له الرغبة والإرادة  في ذلك، أم أنها إطار تربوي ومهني جديد، سيصدر من القوانين والمراسيم ما ينظمه، حتى تتضح صورته، ومسؤولياته؟ ما علاقته بإطار ووظيفة هيئة التاطير والمراقبة التربوية؟ 
   تساؤلات كثيرة إذن، قد لا يسعفنا مضمون المذكرة رقم:  155 في إيجاد أجوبة شافية لها... نظرا لاكتفائها بطرح الفكرة / المشروع، مرفقة بأفكار أولية نجملها: في البحث عن كفاءات تربوية ومهنية من أساتذة، ينتدبون ويكلفون بعد انتقاء أجودهم، للقيام بمهام الإرشاد والتوجيه التربوي، في حوض من المؤسسات التعليمية التابعة لسلكهم. ومن بين مهامهم:   
   1- تقديم يد العون والمساعدة لزملائهم في العمل، خاصة منهم الأساتذة الجدد الذين يستكملون تداربهم، والذين هم في أمس الحاجة إلى الإرشاد والتوجيه والتأطير.
2- إطلاع الأساتذة على كل المستجدات التربوية والبيداغوجية.
3- تدليل الصعاب المرتبطة بالمناهج، والمقررات والتقنيات الجديدة، في حقل التعليم أمام الأساتذة. حتى يسهل عليهم التمكن من أدواتها تخطيطا وتطبيقا. نظرا للتحولات المتسارعة، التي يشهدها واقع الممارسة التعليمية.
4- المساهمة في التكوين واالتأطير، اعتمادا على الممارسة الميدانية والعروض والندوات التربوية.
     وللقيام بكل هذه المهام، وحتى يتم وضع الإنسان المناسب، في المكان المناسب، مع إعمال مبدأ تكافئ الفرص، لابد لمن له الرغبة والإرادة في القيام بهذه المهمة، أن يكون ملما بمستجدات التربية وعلم النفس. سواء من الناحية النظرية أو المنهجية، بالإضافة إلى ديداكتيك ومنهجيات مواد التدريس. أضف إلى ذلك القدرة على البرمجة والتخطيط والتواصل.  

6- مهام ووظائف المستشارالتربوي
 في أدبيات التربية الفرنسية 

قبل الدخول في الحديث عن هذه الوظائف، يجب الإشارة أولا، إلى أن مفهوم المرشد يعني في السياق التعليمي الفرنسي، مفهوم  المستشار التربوي.Le conseiller Pédagogique : 
لذا، فإن أخر مذكرة صدرت في شأن تحديد مهام المستشارين التربويين، كنواب ومساعدين لمفتشي وزارة التربية الوطنية، des Conseillers Pédagogiques Adjoints aux Inspecteurs. ، كانت في :29 نونبر 1973 تحت رقم: (508- 73 ). ومنذ ذلك الحين، إنتقل مستوى توظيف معلمي المدارس، من مستوى الباكالوريا إلى سنتين ثم إلى ثلاث سنوات بعد الباكالوريا. كما تغيرت مراكز تكوينهم، من مدارس المعلمين:  Les écoles normales ،إلى المعاهد الجامعية لتكوين المعلمين. Les instituts universitaires de formation des maitres.  
غير أن هذه التغيرات والتحولات المهنية، الناتجة عن شروط جديدة، قد أدت إلى تعويض المذكرة السابقة بصدور المذكرة:Note de   service n      
(96-107) du 18 avril 1996 (B. 0. E. N. N° 18 du 2 mai 1996.)  ، التي وإن حافظت على تسمية المستشار التربوي بالمقاطعة، إلا أنها قامت بتأكيد دوره في تصور وتتبع برنامج العمل، الذي يعده مفتش المقاطعة التربوية. بالإضافة إلى إعادة تحديد المهام الموكولة إليه، حيث يمكن تلخيصها في ما يلي:
1-6- دور المستشار التربوي بجانب المعلمين: 
- مرافقة المدرسين، سواء العاملين في التعليم الأولي أوفي المدارس الابتدائية، في ممارساتهم اليومية. خاصة الجدد والمبتدئين منهم. وذلك بمساعدتهم على إكمال وتثبيت كفاياتهم المكتسبة. 
- الاستجابة لكل طلبات المساعدة والإرشاد.
- تقديم الدعم لزملائه في العمل، أثناء اجتيازالإمتحانات المهنية. لنيل شهادات الأهلية والكفاءة: كالكفاءة من أجل ممارسة وظائف المعلم المكون، أو الكفاءة الخاصة بالمساعدات البيداغوجية المتخصصة في التكييف والاندماج المدرسي.    
2-6- دوره في المدرسة:
- الإشراف على الفرق التربوية، من أجل حسن تدبير الزمن، والتنظيم وسير الدورات البيذاغوجية.
- المساهمة في بلورة وتحقيق وتتبع مشاريع المدرسة. 
- دعم وضع أنشطة جديدة، ومرافقة الفرق التربوية في إنجازها وتحقيقها. 
- لعب دور فيما يتعلق بالتأهيل: qualification والترخيص: agrément اتجاه المتدخلين الخارجيين. 
3-6- دوره في المقاطعة التربوية:
- تشجيع النجاحات التربوية والمساهمة في نشرها.
- المشاركة الفعالة في تنشيط الندوات التربوية.
- إمكانية الإنابة عن مفتش التربية الوطنية، في دوره الإعلامي والتواصلي والتفاوضي، اتجاه الشركاء الخارجيين.
4-6- دور المستشار التربوي في الإدارة الإقليمية:
- يمكن له القيام بمهام إقليمية، وذلك باتفاق مع المفتش الذي يشرف عليه.
- قيادة مهام وأشغال التكوين المستمر، المسطرة في البرنامج الإقليمي للتكوين. 
- المساهمة في مشاريع المؤسسة:(تصور وإعداد مواضيع الإمتحانات، التمثيلية في لجان الإمتحانات والمباريات إقليميا).
وعموما يمكن القول، بعد كل هذه المهام والتوضيحات، أن المستشار التربوي في منطق مذكرات التربية الفرنسية، هو مساعد المفتش والمتعاون معه. ويشكل طرفا في فريق المقاطعة، بحيث يجب على كل طرف، وبشكل متبادل، أن يعي جيدا حدود مهامه واختصاصاته داخل الفريق. سواء أثناء إعداد مشروع المقاطعة، أو عند القيام بالأعمال والمهام المرافقة لذلك.  
إن المستشار التربوي بهذا المعنى، شريك أساسي في تكوين المدرسين، لأنه يجمع بين المعارف النظرية والتطبيقية للمهنة. إلا أن وظيفته كما تؤكد هذه المذكرات، هي وظيفة تربوية محضة.لا ينبغ لها بأي حال من الأحوال، أن تنا قضها أوتعيقها بعض الأعمال ذات الطبيعة الإدارية...

7- أنواع المستشارين التربويين:

 لقد أحصى قرار : 22 يناير 1985 بوزارة التربية  الوطنية الفرنسية، ثمان فئات من المعلمين المكونين. ستة من بينها تعمل إلى جانب  المفتش ومنها :
المستشار التربوي العام.
المستشار التربوي الخاص بالتربية البدنية.
المستشار التربوي الخاص بالتربية الموسيقية.
المستشار التربوي الخاص بالفنون التشكيلية.
المستشار التربوي الخاص باللغات والثقافات الجهوية.
المستشار التربوي الخاص بالتكنولوجيات والموارد التربوية.   
  بعض هذه الفئات لها غالبا مهام إقليمية، كالمستشارين التربويين في المواد الفنية. وذلك راجع إلى مذكرة المصلحة: رقم:132-93  المؤرخة في:24 فبراير 1993.
 وبالرغم من كل هذه الاختلافات بين هذه الفئات، فإنه في الوقت الذي ينبغي على أصحاب التخصصات، من بين هؤلاء المستشارين، التفكير في دمج موادهم ضمن سيرورة التعليم الابتدائي المتعدد المواد، ومتنوع التخصصات, يستحسن كذلك بالنسبة للمستشار التربوي العام، أن يكون حائزا على شهادة الكفاءة في الأعمال البيداغوجية المتخصصة في التكييف والاندماج المدرسي:ِ(C.A.A.P.S.A.I.S )    

8- أنواع الإرشـــاد التـــربوي:

 تختلف أنواع الإرشاد، أولا باختلاف المجالات التي ينتمي إليها. حيث يمكن الحديث عن: الإرشاد الديني، والأخلاقي، والأسري، والاجتماعي، والتربوي، والسياسي  والفلاحي، والسياحي، إلخ... ثم باختلاف أهدافه أثناء التكوين والتأطير والإنجاز. حيث يمكن أن يكون الإرشاد التربوي مثلا: 
  بنائيا: يروم بناء عمليات ومشاريع ذات أبعاد نظرية وتطبيقية. 
  توجيهيا: يعين ويساعد المسترشدين على تبين الوجهة، والاتجاهات الصحيحة في العمل والممارسة. 
  تصحيحيا وتقويميا: يتولى مراجعة الأعمال والأنشطة المنجزة، لمعرفة مكامن القوة والضعف، وتصحيح الخلل والأخطاء.  
  وقائيا : بتقديم إرشادت ونصائح للمسترشد، تشعره عن بعد، بالمشاكل والهفوات المحتمل الوقوع فيها، مع التنبيه إلى ذلك في كل لقاء ومناسبة. وذلك تطبيقا للمثل الشائع: الوقاية خير من العلاج.
  علاجيا: لإصلاح  الأخطاء والأعطاب،  بعد وصف دقيق  لمصدرها ونوعيتها، مع توفير الحلول الناجعة والملائمة لعلاجها.
9- مناهـــج الإرشـــاد التربـــوي:

    إذا كانت هذه، هي بعض أنواع الإرشاد التربوي، التي يتم اللجوء إليها، فما هي الطرائق والمناهج أو المقاربات، التي ينبغي للأستاذ المرشد أن يعتمد عليها في إنجاز مهامه ؟
المقاربة التواصلية: 
          وتقتضي منه، الإلمام بتقنيات التواصل ومهاراته، سواء العلائقية منها، أو اللغوية أو التقنية الحديثة. 
( الإعلاميات، الانترنت، الهاتف...).
المقاربة التشاركية
          وتهدف إلى إشراك جميع الفاعلين، والمتدخلين والشركاء، في هموم التربية والتعليم. في ظل انفتاح المدرسة على العالم الخارجي. مع احترام المهام والتخصصات. 

المقاربة الإنمائية
       وتسعى إلى وضع أهداف تنموية إستراتجية، تتجسد في الرفع من مستوى التكوين والكفايات،  ومن مهارات وقدرات المدرسين. تطويرا للذات، ومسايرة للمستجدات الطارئة في الحقل التعليمي.

الحكامة الجيدة: 
         وهي فلسفة إدارية جديدة، ومطلب عصري وحداثي. في مجال تدبير الخلافات، والاختلاف في الحياة اليومية والمهنية، بين الشركاء والمتدخلين. وذلك بإعمال مبدأ الديمقراطية والمساواة، وحرية الرأي واحترام الرأي الأخر، والتحديد الدقيق للإختصا صات والمهام، في المسؤولية واتخاذ القرارات.  إلا أنها لا يمكن أن تجدي نفعا، ما لم يتم تحويلها وترجمتها، اجتماعيا، إلى قناعة فردية وجماعية لدى المرشدين والمسترشدين، وباقي الأطراف المرتبطة بالمهنة.  
  
خاتمة:

خلاصة القول، أن الإرشاد والتوجيه التربوي، بالرغم من الأهمية التي يكتسيها كفكرة نابعة من المشروع  E1P12 للبرنامج الاستعجالي الداعي إلى تحسين جودة الحياة المدرسية.  من خلال تكوين وتأطير المدرسين. إلا أن هناك مجموعة من الملاحظات والتساؤلات، التي لابد من طرحها. 
أولا: يمكن القول أن جميع التعاريف التي أعطيت لمفهوم الإرشاد والتوجيه التربوي، تصب كلها في اتجاه مشترك عنوانه: مجموع الخدمات والمساعدات التي يمكن أن يقدمها المرشد أو المستشار للمسترشدين، الجدد منهم على الخصوص. من أجل تنمية كفاياتهم ومهاراتهم وقدراتهم المهنية، سواء كانوا مرسمين أو غير مرسمين. وهو ما لايمكن أن يتم دون الإلمام ببعض المبادئ الأخلاقية والمسلمات المعرفية، بالإضافة إلى الأسس الفلسفية والنفسية والتربوية،  والثقافية والإجتماعية لكل بيئة أوبلد.   
ثانيا: إذا كانت السمة التي تميز منظور بعض الأدبيات التربوية العربية، في مجال الإرشاد عموما، هي تضخيمه لخطاب النصائح والإرشادات المثالية فقط،  فإن منظور الغرب، وما تبنته منظومة التربية الفرنسية على الخصوص، من خلال مجموعة من مذكراتها ومراسيمها، قد استطاع بواقعيته المدققة، أن يضع قطارالإرشاد التربوي على سكته المهنية الصحيحة. سواء فيما يتعلق بمسايرة تطورالظروف العامة للتعليم، أوالشروط المهنية المتغيرة. وذلك باعتماده أنواع مختلفة من المستشارين: منهم المستشارون التربويون ذووا التخصصات، الذين ينبغي عليهم، التفكير في آليات دمج موادهم ضمن سيرورة التعليم الابتدائي، المتعدد المواد والتخصصات. أوالمستشار التربوي العام، الذي ارتأوا فيه، أنه يستحسن  أن يكون حائزا على شهادة الكفاءة في الأعمال البيداغوجية المتخصصة في التكييف والإندماج المدرسي(C.A.A.P.S.A.I.S)
    ثالثا: إذا رجعنا إلى مجموع التساؤلات التي سبق أن طرحناها، في مستهل حديثنا عن مفهوم الإرشاد والتوجيه التربوي، فإن واقع الممارسة الميدانية لتعليمنا، ليكشف عن مدى التخبط والارتجال في كثير من جوانبه. سواء فيما يتعلق بالجانب الهندسي, الذي يكاد لايلامس الواقع الفعلي للتدريس  في أدق تفاصيله وخصوصياته المحلية والجهوية، أو قيما يتعلق بوضع بعض الخطط والبرامج والتشريعات التي تخلط الأوراق، في بعض الأحيان... وتسبب كثيرا من الغموض في المهام، والإرتباك في الأدوار. إذ يصعب على المرء في بعض الأحيان أن يتبين من الذي ينبغي عليه أن يشرف على من؟ ومن الذي ينبغي عليه أن يؤطر من؟  أضف إلى ذلك قيام فئات من الموظفين، وبشواهد ودبلومات مختلفة، وغير متجانسة بنفس المهام. هذا إذا لم تسند بعض المهام والوظائف لمن هم أقل درجة وتكوينا من الآخرين. ثم  إشكالية أخرى هي: أن كل شيء يمكن التفكير فيه، لإنجاح الخطط والبرامج، إلا الدعم المالي، والتعويضات، والترقيات، وصرف المستحقات في أجالها... وكل ما له علاقة بتحفيز الموارد البشرية المتفانية في العمل. بحيث لا نعلم، ما سر هذه العقدة في السياسة التعليمية؟  حتى أصبحنا نرى الجميع يشتكي ويحتج: المدرسون مضربون، المدراء محتجون، والمفتشون غاضبون. أخيرا إذا كان هذا هو واقع الحال، بما يعكسه من احتقان ومن مشاكل اجتماعية ومهنيه، تعكس أزمات التعليم الدورية. فهل سيستطيع البرنامج الإستعجالي، مستلهما روح مبادئ الميثاق الوطني للتربية والتكوين،إنصاف كل فئة  متضررة، ووضع حد لكل هذه الإختلالات. وذلك بتصحيح الأوضاع غير الصحية، ورد الأمور إلى نصابها. لما في ذلك من خدمة للصالح العام الوطني، والرقي بالمجتمع إلى أعلى درجات الحداثة والمواطنة العصرية؟       

شكرا على حسن انتباهكم.
                  ----------------------------------------------------------------------------------------------------
- تصميم العرض

                                                          الإرشاد والتوجيه التربوي                   
                                     - مفهومه،  مبادئه، وأسسه -  

تمهيد:

1- مفهوم التوجيه : 
     1-1- تعريف أحمد لطفي بركات:
     2-1- تعريف ميلرMuller:
     3-1- تعريف مايرزMyers:
2- مفهوم الإرشاد
    -1-2- تعريف  كود Good: 
    -2-2- تعريف آدمزAdams : 
    -3-2- تعريف حامد زهران :
    -4-2- تعريف الجمعية الأمريكية لعلم النفس: 
3- بعض الأسس والمسلمات الخاصة بالإرشاد والتوجيه:
    -1-3- أسس الإرشاد و التوجيه التربوي:
    -1-1-3- الأسس الفلسفية:
    -2-1-3- الأسس النفسية والتربوية: 
    -1-2-1-3- الفروق الفردية :
    -2-2-1-3- الفروق بين الجنسين : 
    -3-2-1-3-  مطالب النمو :
    -4-2-1-3- الفروق في الفرد الواحد:
    -3-1-3-  الأسس الاجتماعية والثقافية : 
 4- بعض المبادئ الأخلاقية للإرشاد والتوجيه:  
 5- مهام ووظائف الأستاذ المرشد: 
 6- مهام ووظائف المستشارالتربوي في أدبيات التربية الفرنسية :
 1-6- دور المستشار التربوي بجانب المعلمين: 
 2-6- دوره في المدرسة: 
3-6- دوره في المقاطعة التربوية:
4-6- دور المستشار التربوي في الإدارة الإقليمية:
7- أنواع المستشارين التربويين:
8- أنواع الإرشـــاد التـــربوي:
9- مناهـــج الإرشـــاد التربـــوي:
خاتمة: